للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له: ويحك وهل نجد أحدا يعين على ذلك؛ قال نعم: زهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدي، وأنا، فقال: أبغنا خامسا.

فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطّلب بن أسد، فكلمه وذكر له قرابته وحقّهم، فقال له: وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد، قال: نعم، ثم سمّى له القوم.

فاتّعدوا خطم الحجون «١» ليلا بأعلى مكة، فاجتمعوا هنالك، وأجمعوا أمرهم، وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها، وقال زهير: أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم، فلما أصبحوا غدا إلى أنديتهم، وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلّة، فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس فقال: أنأكل الطعام، ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى لا يبتاعون، ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.

فقال أبو جهل، وكان في ناحية المسجد: كذبت والله لا تشق، فقال زمعة بن الأسود: أنت والله أكذب ما رضينا كتابتها حين كتبت!! فقال أبو البختري:

صدق زمعة لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقرّ به، فقال المطعم بن عدي: صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها، وقال هشام بن عمرو نحوا من ذلك، فقال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل، تشوور فيه في غير هذا المكان، وأبو طالب جالس في ناحية المسجد لا يتكلم.

وقام المطعم بن عدي إلى الصحيفة ليشقها، فوجد الأرضة قد أكلتها إلا «باسمك اللهم» ، وذكر ابن هشام أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لأبي طالب:

«يا عم إن الله قد سلّط الأرضة على صحيفة قريش، فلم تدع فيها اسما هو لله إلا أثبتته فيها، ونفت منها الظلم، والقطيعة والبهتان، فقال: أربّك أخبرك بهذا! قال: «نعم» قال: فو الله ما يدخل أحد، ثم خرج إلى قريش فقال:

يا معشر قريش، إن ابن أخي قد أخبرني بكذا وكذا، فهلمّ صحيفتكم، فإن


(١) الحجون: موضع بأعلى مكة، وخطمه: مقدمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>