للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصة عدّاس النصراني

فلما رأى ابنا ربيعة ما لقي النبي- ولعلهما سمعا دعاءه- تحركت له رحمهما، فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له: عداس، فقالا له: خذ قطفا من هذا العنب، فضعه في هذا الطبق، ثم اذهب به إلى هذا الرجل فقل له: كل، فلما وضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه يده قال: «بسم الله» وفي رواية: «بسم الله الرحمن الرحيم» ثم أكل، فنظر عدّاس في وجهه مستغربا، ثم قال: والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد!! فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ومن أي البلاد أنت يا عدّاس، وما دينك» ؟ قال: نصراني، وأنا من أهل نينوى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرية الرجل الصالح يونس بن متّى؟ فقال له عداس:

وما يدريك ما يونس بن متى؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ذاك أخي، كان نبيا، وأنا نبي» .

فأكب عدّاس على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقبل رأسه، ويديه، وقدميه!! فقال أحد ابني ربيعة لصاحبه: أما غلامك فقد أفسده عليك، فلما جاءهما عداس قالا له: ويلك يا عداس ما لك تقبل رأس هذا الرجل، ويديه وقدميه؟! قال:

يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا!! لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي، قالا له: ويحك يا عدّاس، لا يصرفنّك عن دينك، فإن دينك خير من دينه.

[الأوبة إلى مكة]

ثم غادر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الطائف، وهو مهموم النفس مكلوم الفؤاد، فلم يستفق إلا وهو «بقرن الثعالب «١» » فرفع رأسه فإذا هو بسحابة قد أظلته، فنظر فإذا فيها جبريل، قال: «فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال «٢» لتأمره بما شئت فيهم، قال:

فناداني ملك الجبال، وسلّم علي، ثم قال يا محمد إن الله قد بعثني إليك، وأنا


(١) بفتح القاف وسكون الراء، وفتحها غلط، والقرن كل جبل صغير منقطع من جبل كبير.
(٢) أي الموكل بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>