للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعبود، ولا قديم وحادث، وعابدو الأصنام والكواكب والحيوانات حين عبدوها إنما عبدوا الحق، لأن وجودها الحق، إلى اخر خرافاتهم التي ضلّوا بسببها وأضلوا غيرهم، والتي أضرت بالمسلمين، وجعلتهم شيعا وأحزابا، ولقد بلغ من بعضهم أنه قال: إن النصارى ضلّوا لأنهم اقتصروا على عبادة ثلاثة، ولو أنهم عبدوا الوجود كله لكانوا راشدين، وقال بعض المعتنقين لهذه الفكرة:

العبد حق، والرب حق ... يا ليت شعري من المكلّف؟

إن قلت: عبد فذاك رب ... أو قلت: رب أنّى يكلف؟

قال الإمام تقي الدين أحمد بن تيمية الحراني في بعض كتبه بعد أن ذكر الفناء المحمود، والفناء المذموم: «ولهذا لما سلك ابن عربي، وابن سبعين وغيرهما هذه الطرق الفاسدة أورثهم ذلك «الفناء» عن وجود السوى فجعلوا الموجود واحدا، ووجود كل مخلوق هو عين وجود الحق، وحقيقة الفناء عندهم ألايرى إلا الحق، وهو الرائي والمرئي، والعابد والمعبود، والذاكر والمذكور، والناكح والمنكوح، والامر الخالق هو المأمور المخلوق، وهو المتصف بكل ما يوصف به الوجود من مدح وذم، وعبّاد الأصنام ما عبدوا غيره، وما ثمّ موجود مغاير له البتة عندهم، وهذا منتهى سلوك هؤلاء الملحدين!!

وأكثر هؤلاء الملاحدة القائلين بواحدة الوجود يقولون: فرعون أكمل من موسى، وإن فرعون صادق في قوله: «أنا ربكم الأعلى» لأن الوجود فاضل ومفضول والفاضل يستحق أن يكون رب المفضول، ومنهم من يقول: إنه مات مؤمنا، وأن تغريقه كان ليغتسل غسل الإسلام» «١» .

فالحق أن فكرة واحدة الوجود فكرة زائفة، تصادم نصوص الدين القطعية، ولا يدل عليها شيء من قران أو سنة، وأن العقيدة الإسلامية السمحة براء من مذهب «واحدة الوجود» .


(١) الرد على المنطقيين ص ٥٢١ ط الهند.

<<  <  ج: ص:  >  >>