للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال ابن كثير: «وقوله على بيعة النساء يعني: على وفق ما نزلت عليه اية بيعة النساء بعد ذلك عام الحديبية، وكان هذا مما نزل على وفق ما بايع عليه أصحابه ليلة العقبة. وليس هذا بعجيب، فإن القران نزل بموافقة عمر بن الخطاب في غير ما موطن كما بيّناه في سيرته، وفي التفسير، وإن كانت هذه البيعة وقعت على وجه غير متلو فهو أظهر والله أعلم» «١» .

ولكن الإمام الحافظ ابن حجر يرى أن المبايعة المذكورة في حديث عبادة لم تقع ليلة العقبة، وأن المبايعة هذه الليلة كانت على الإيواء، والنصرة، والسمع والطاعة، ففي حديث عبادة عند البخاري قال: «بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على السمع والطاعة، في العسر واليسر، والمنشط والمكره ... » الحديث.

وأصرح من ذلك في المراد ما أخرجه أحمد، والطبراني من وجه اخر عن عبادة بن الصامت أنه جرت له قصة مع أبي هريرة عند معاوية بالشام، فقال:

«يا أبا هريرة، إنك لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على السمع والطاعة: في النشاط والكسل، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن نقول الحق، ولا نخاف في الله لومة لائم، وعلى أن ننصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا قدم علينا يثرب، فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا، وأبناءنا، ولنا الجنة، فهذه بيعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التي بايعناه عليها» .

وأما المبايعة على الصفة المذكورة فإنما وقعت بعد فتح مكة بعد أن نزلت الاية التي في الممتحنة، وهي قوله تعالى:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) «٢» .


(١) البداية والنهاية ج ٣ ص ١٥١.
(٢) الاية ١٢ من سورة الممتحنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>