للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمسوا بدار أمان وعزّ ومنعة بعد أن هاجروا إليها، وتجمعوا فيها، فحذروا خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إليهم، وحينئذ تكون الطامة، فإنهم لا يلبثون أن يحاربوهم، ويغتضوا عليهم بلدهم، ويدخلوها عليهم.

فاجتمع أشرافهم ورؤساؤهم في دار الندوة- وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها «١» - يتشاورون في أمر النبي الذي أقضّ مضاجعهم، وأصبحت له ولأصحابه قوة تهددهم، واعترضهم إبليس في صورة شيخ نجدي عليه بتّ «٢» ، فلما رأوه واقفا على الباب قالوا: من الشيخ؟

قال: شيخ من نجد «٣» سمع بالذي اتّعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى ألايعدمكم منه رأيا ونصحا، قالوا: أجل، فادخل، فدخل معهم.

وقد اجتمع فيها أشراف من قريش منهم من بني عبد شمس: عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة، وأبو سفيان بن حرب، ومن بني مخزوم: أبو جهل بن هشام، ومن بني نوفل بن عبد مناف: طعيمة بن عدي، وجبير بن مطعم، ومن بني عبد الدار: النضر بن الحارث بن كلدة، ومن بني أسد بن عبد العزّى:

أبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود بن المطلب، وحكيم بن حزام، ومن


(١) قال في شرح المواهب، ج ١ ص ٣٨٧: قال الماوردي صارت بعد قصي لولده عبد الدار، فبقيت في نسله حتى اشتراها معاوية بن أبي سفيان من عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وجعلها دار الإمارة، وقبل لما حج معاوية اشتراها من الزبير العبدري بمائة ألف درهم، ثم صارت كلها في المسجد الحرام بعد توسعته. وقال السهيلي: صارت بعد بني عبد الدار إلى حكيم بن حزام، فباعها في الإسلام بمائة ألف زمن معاوية، فلامه وقال له: أبعت مكرمة ابائك وشرفهم؟! فقال حكيم: ذهبت والله- المكارم إلا التقوى، والله لقد اشتريتها في الجاهلية بزق خمر، وقد بعتها بمائة ألف، وأشهدكم أن ثمنها في سبيل الله، فأينا المغبون؟!!
(٢) كساء غليظ.
(٣) قال السهيلي في الروض: وإنما قال لهم إنه من أهل نجد فيما ذكر بعض أهل السير، لأنهم قالوا: لا يدخل معكم في المشاورة أحد من أهل تهامة، لأن هواهم مع محمد، فلذلك تمثل في صورة شيخ نجدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>