للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السرير حتى جلس عليه، فقال لأبي بكر: «أخرج من عندك» فقال أبو بكر:

إنما هم أهلك «١» بأبي أنت يا رسول الله.

قال النبي: «فإني قد أذن لي في الخروج» فقال أبو بكر وهو يبكي من الفرح: الصحبة «٢» يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نعم» قالت عائشة:

فو الله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ!!

ثم قال الصديق: يا نبي الله، إن هاتين راحلتان كنت أعددتهما لهذا، فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«بالثمن» «٣» واستأجرا عبد الله بن أريقط رجلا من بني الدئل بن بكر، وكانت أمه من بني سهم بن عمرو، وكان مشركا يدلهما على الطريق، ودفعا إليه الراحلتين اللتين أعدهما الصديق- رضي الله عنه- للهجرة، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما الذي واعداه بعد ثلاث.

[تجهيز طعام السفر]

واشتركت أسماء وعائشة ابنتا الصديق في تجهيز السفرة التي سيأخذها المهاجران، ووضعتاها في جراب «٤» ، فلما أرادتا ربط فم الجراب لم تجدا شيئا،


(١) هكذا في صحيح البخاري، وفي السيرة: إنما هما ابنتاي، وقد فسرت المراد بالأهل، فعائشة كان عقد عليها النبي، وأسماء صارت بمنزلة الأهل بعد خطبة أختها، أو أن هذا من أبي بكر تنزيل لأهله منزلة أهل النبي.
(٢) أي أريد الصحبة.
(٣) إنما اشترط النبي أن يكون ذلك بالثمن مع أن أبا بكر أنفق ماله في سبيل الله ورسوله، لأنه أحب ألاتكون هجرته إلا من مال نفسه، وكان ثمنها أربعمائة درهم، وقد قال الواقدي: إن هذه الناقة هي القصواء، وأنها كانت من نعم بني قشير، وقد عاشت بعد النبي قليلا، وكانت مرسلة ترعى في البقيع، وماتت في خلافة أبي بكر، وذكر ابن إسحاق أنها الجدعاء، وكانت من إبل بني الحريش، وكذا روى ابن حبان من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أنها الجدعاء. (فتح الباري، ج ٧ ص ١٨٧) .
(٤) الوعاء من الجلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>