للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنعه مكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منه أن يتململ، ولكن الألم لمّا اشتد به تحدّرت دموعه، فسقطت على وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاستيقظ، فقال: «ما لك يا أبا بكر؟» فأخبره بما حدث، فتفل عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فبرئت بإذن الله تعالى «١» .

فلا عجب إذا كان شيخ الإسلام أبو بكر جديرا بأن يكون شيخ الفدائيين في القديم والحديث.

[قصة الشجرة، والعنكبوت، والحمامتين]

وقد روي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما دخل هو وصاحبه الصديق بالغار أمر الله سبحانه شجرة فنبتت على فم الغار، وانتشرت أغصانها على بابه، وألهم العنكبوت فنسجت على أغصان الشجرة، وألهم حمامتين وحشيّتين فعششتا وباضتا بين أغصان الشجرة «٢» ، وقد كان لهذه الايات الثلاث أثرها في تضليل المشركين وصدّهم عن اقتحام الغار ودخوله كما سترى عن كثب، وهكذا وقى الله نبيه وصاحبه بأضعف جنده.

[تشكيك أميل در منغم]

ويحاول أميل درمنغم أن يقلل من هذه المعجزات فيقول: هذه الأمور الثلاثة هي واحدها المعجزة التي يقص التاريخ الإسلامي الجد: نسيج عنكبوت، وهوى حمامة، ونماء شجرة، وهي أعاجيب ثلاث لها كل يوم في أرض الله نظائر.

وهي شنشنة نعرفها من أخزم، فالمستشرقون- إلا القليل- يحرصون على التقليل من معجزات النبي صلّى الله عليه وسلّم الحسية، ويشككون فيها، وإني لأقول لدر منغم


(١) روى هذه القصة رزين العبدري صاحب «تجريد الصحاح» (شرح المواهب، ج ١ ص ٤٠٤) .
(٢) روى القصة الإمام أحمد في مسنده، والبزار في مسنده، وقاسم بن ثابت في الدلائل (شرح المواهب، ج ١ ص ٣٩٩) ؛ ورواها أيضا الحافظ ابن عساكر (البداية والنهاية، ج ٣ ص ١٨١، ١٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>