للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنانتي «١» فاستخرجت الأزلام «٢» فاستقسمت بها «٣» أضرهم أم لا؟ فخرج الذي أكره، وكنت أرجو أن أرده فاخذ المائة ناقة.

فركبت فرسي- وعصيت الأزلام- تقرّب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، فقال أبو بكر:

يا رسول الله هذا فارس قد لحق بنا، والتفت نبي الله صلّى الله عليه وسلّم فدعا عليه قائلا:

«اللهمّ اصرعه، اللهم اكفناه بما شئت» قال سراقة: فساخت يدا «٤» فرسي حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، وصرعتني، ثم زجرتها، فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان «٥» في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان «٦» قائلا: أنا سراقة بن مالك بن جعشم، أنظروني أكلمكم، فو الله لا أريبكم، ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه، ادع الله لي ولا أضرك فدعا له.

فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أنه ممنوع «٧» ، وأن سيظهر أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزاني «٨» مما معي شيئا، ولم يسألاني، فقلت:


(١) كيس من جلد التي بها السهام.
(٢) جمع زلم وهي القداح التي كانوا يستقسمون بها، والقدح قطعة من خشب كالسهم إلا أنها لا ريش لها ولا نصل.
(٣) أي ضرب ليعرف حظه ونصيبه وقد حرمه الإسلام.
(٤) أي غاصتا في الأرض.
(٥) غبار صاعد جهة السماء.
(٦) هكذا في رواية الصحيح أنه ناداهم بالأمان بعد أن غاصت قدما فرسه في التراب في المرة الثانية، وفي السيرة لابن إسحاق أنه واصل الطلب، وأنه سقط عنها ثلاث مرات، وغاصت قدما فرسه في الثالثة فقام فناداهم بالأمان. (السيرة ج ١ ص ٤٨٩) فلعل في رواية الصحيح اقتصارا على المرتين.
(٧) محفوظ من الله تعالى ولن ينال منه أحد.
(٨) ينقصاني مما معي شيئا.

<<  <  ج: ص:  >  >>