للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابيا من بني مدلج» ورفع بها عمر صوته، ثم أركب سراقة، وطيف به المدينة، والناس حوله، وهو يرفع عقيرته مرددا قول الفاروق: الله أكبر، الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابيا من بني مدلج!!

وكان يوما مشهودا من أيام المدينة الخالدة، وهكذا صدق الله وعده، ونصر جند الإسلام المتقين، وجعل وراثة الأرض لعباده الصالحين.

من تفاؤل النبي صلّى الله عليه وسلّم

وقد روي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّ هو والركب بإبل لمالك بن الأوس الأسلمي بالجحفة ومعها غلام راع، فقال: «لمن هذه» ؟ قال: لرجل من أسلم، فالتفت إلى أبي بكر وقال: «سلمت إن شاء الله» قال: «ما اسمك» ؟ قال:

مسعود، فالتفت إلى أبي بكر، وقال: «سعدت إن شاء الله» «١» وقد كان من خلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه يحب التفاؤل، ويكره التشاؤم.

[إهداء الزبير وطلحة ثيابا لرسول الله وأبي بكر]

ومما وقع في الطريق إلى المدينة أنه صلّى الله عليه وسلّم لقي الزبير بن العوام في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام، فكسى الزبير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبا بكر ثيابا بيضاء، رواه البخاري «٢» ، وكذا روى أصحاب السير أن طلحة بن عبيد الله لقيهما أيضا وهو عائد من الشام وكساهما بعض الثياب «٣» .

[في انتظار الرسول]

ولما بلغ المسلمين بالمدينة مخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم من مكة هو وصاحبه الصديق رضي الله تعالى عنه، كانوا يخرجون كل غداة إلى الحرّة فينتظرونه حتى يردهم حرّ الظهيرة، فعلوا ذلك مرارا، فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم،


(١) البداية والنهاية ج ٣ ص ١٩٠.
(٢) صحيح البخاري- باب هجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه إلى المدينة.
(٣) فتح الباري ج ٧ ص ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>