للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعوة أن يؤمنوا بهذه الأصول أولا، حتى إذا اطمأنت قلوبهم بالإيمان، وانشرحت صدورهم للإسلام، سهل عليهم تقبل التشريعات من حلال وحرام، وهذا ما كان.

وقد كان اتجاه الدعوة في مكة أيضا إلى أصول التشريعات العامة والاداب والفضائل التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان، وذلك كالحث على الثبات على العقيدة، والصبر والتحمل في سبيلها، والأمر بالصلاة والصدق والعفاف، وبر الوالدين وصلة الرحم والعدل والإحسان، والتواصي بالحق والخير، والنهي عن الرذائل كالقتل ووأد البنات، والظلم والزنا، وأكل أموال الناس بالباطل إلى غير ذلك.

أما في العهد المدني فقد بدأت الدعوة الاسلامية تتجه اتجاها اخر، ولم تعد مقصورة على مكة وما جاورها، بل وجدت أمامها افاقا فسيحة، ودنيا عريضة في جزيرة العرب وخارجها، ووجدت أرضا خصبة تقبلت الإسلام بقبول حسن، وأخذت عالمية الإسلام تأخذ طريقها إلى الأمم والشعوب، فلم تمض بضع سنوات حتى أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بالكتب إلى الملوك والأمراء والرؤساء، داعيا إياهم إلى الدخول في الإسلام وإلى كلمة سواء: أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ، وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً، وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فمنهم من أطاع، ومنهم من أبى ورد ردا سيئا، ومنهم من رد ردا حسنا.

والإسلام دين عام خالد، نزل للبشرية جمعاء، لا فرق بين عربي وغير عربي، ولا بين أبيض وأسود، ففي الكتاب الكريم:

قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً «١» .

وفيه أيضا يقول الله على لسان رسوله:

وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ «٢» .


(١) سورة الأعراف: الاية ١٥٨.
(٢) سورة الأنعام: الاية ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>