للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٤)

«١» .

[مملكة حمير]

وبعد أن تضعضع ملك سبأ، وضعف أمر القائمين عليه قامت مملكة «حمير» ، وقد حاولت أن تصلح السدود الموجودة، ولكنها لم تلبث أن انهارت مرة أخرى، وكان من ملوكهم ملك اسمه (ذو نواس) وكان قد اعتنق اليهودية، وكان باليمن نصارى يسكنون (نجران) وقد تسربت النصرانية إلى بلاد اليمن من الحبشة، وكان (ذو نواس) متعصبا لليهودية، فلهذا، ولخوفه أن يمتد نفوذ الحبشة إلى بلاده عن طريق النصارى خيّرهم بين اعتناق اليهودية، أو الموت، فأبوا اعتناق اليهودية، فحفر لهم أخدودا- شقا في الأرض- وأضرمه نارا، ثم صار يعرض عليهم اليهودية، فمن أبى قذفه في النار، حتى أفنى الكثيرين منهم بهذا العمل العاري عن الرحمة والإنسانية، وقيل إنه وأتباعه هم المرادون بقوله تعالى في سورة البروج:

قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) «٢» .

فلو صح أنهم المرادون بالايات، فيكون هؤلاء المسيحيون كانوا على التوحيد الحق الذي جاء به عيسى عليه السلام، وقيل في أصحاب الأخدود غير ذلك «٣» .


(١) الايات ٢٠- ٤٤ من سورة النمل.
(٢) الايات ٤- ٨ من سورة البروج.
(٣) فقد روى الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده قصة أخرى تغاير هذه في التفاصيل إلا أنها تتفق معها في الغاية، وذكر ابن إسحاق قصة أخرى قريبة مما ذكرها مسلم إلا أنها تختلف بعض الشيء، والذي يظهر لي- والله أعلم- أن قصة الأخدود تعددت زمانا ومكانا، وأشخاصا، وإن كانت نهايتها واحدة وهي فتنة بعض المؤمنين

<<  <  ج: ص:  >  >>