للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على القضاء على الأحباش، ولما تم انتصار الفرس أمر كسرى أن يتوج سيف بن ذي يزن ملكا على اليمن، ثم لم يلبث أن قتله الأحباش الذين استبقاهم عبيدا له، وقيل: كان بتدبير من الفرس، ولم يزل الأمراء الفرس يتتابعون على اليمن حتى انتهى الأمر إلى (باذان) ، فلما أرسل النبي كتابا إلى كسرى، داعيا له إلى الإسلام، أمر كسرى (باذان) أن يأتي بالنبي مكبلا، فأرسل اثنين للنبي يطلبانه، فقابلهما النبي صلّى الله عليه وسلّم بحلم، وقال لهما: «إن ربي قتل ربكم في ليلة كذا» وكان كسرى قد قتله ابنه في هذه الليلة، فرجعا إلى باذان، وأخبراه، فلما استيقن الخبر أسلم بسبب هذا، فأبقاه النبي أميرا على اليمن.

[مملكة الأنباط]

وكذلك قامت في الشمال مملكة الأنباط، وهم قبائل بدوية نزحت من الأرض المعروفة اليوم بشرق الأردن، ونزلت جنوب سوريا، وكوّنت لها مملكة امتدت من غزة شمالا حتى العقبة جنوبا، وقد تحكمت هذه المملكة في طريق التجارة بين الشمال والجنوب، وعاصمة مملكتهم (البتراء) أو (بطره) ، وهي مدينة شهيرة في بلاد العرب حتى اليوم، تمتاز باثارها الفخمة، وبخاصة أنقاض المعبد الذي كان به الالهة التي يعبدها (الأنباط) ، ولا تزال أعمدته الشاهقة شاهدا على ما وصلت إليه هذه المملكة من حضارة ورقي «١» .

[مملكة الحيرة وغسان]

وكذلك تكونت في الشمال الشرقي من شبه الجزيرة على تخوم فارس (مملكة الحيرة) وتكونت في الشمال الغربي على حدود الروم مملكة (غسان) ، وكانت كل من فارس والروم تتعرض لهجمات بعض القبائل العربية في شمال الجزيرة، يختطفون خلالها ما يستطيعون الحصول عليه ثم يفرون عائدين إلى قلب الجزيرة، حيث لا تستطيع جيوش الفرس والروم ملاحقتهم خوفا من وعورة الطريق، وقلة الماء، لذلك عمد الفرس والروم أن يقيموا حاجزا بينهم


(١) المرجع السابق، ص ٥٣، ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>