للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعا، لا فرق بين مهاجري وأنصاري، وصارت إليه الرئاسة الدينية والدنيوية، والقيادة السياسية والاجتماعية- حقد عليه وعلى دينه بعض العرب ممن كانت له الزعامة في المدينة، واليهود الذين حقدوا على العرب أن يكون منهم النبي المبعوث في اخر الزمان، وتامر من هؤلاء وأولئك فئات على الشر وعداوة الإسلام، ولم يكن في استطاعتهم أن يعلنوا عن الحقد والشر الخبيء في قلوبهم، فلم يجدوا بدا من التستر بالإسلام، يظهرونه ويبطنون الكفر والحقد والضغينة على الإسلام والمسلمين، وهم من يسمّون في الإسلام (بالمنافقين) ، وقد تزعم هؤلاء رجل من العرب، كان قومه قد نظموا له الخرز ليتوّجوه ويملّكوه عليهم، فلما انصرفوا عنه ومنهم أهله وولده حقد وضغن، ونافق وداهن، وهو عبد الله بن أبيّ ابن سلول الخزرجي.

وانضوى تحت لوائه- لواء النفاق- جماعة، منهم: أبو عامر، وكان يقال له الراهب، كان قد ترهّب في الجاهلية ولبس المسوح «١» . قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم:

«لا تقولوا الراهب ولكن قولوا: الفاسق» ومات بالشام غريبا طريدا وحيدا، وكان ابنه حنظلة من خيار المسلمين، استشهد يوم أحد، وهو غسيل الملائكة.

ومنهم: جلاس بن سويد بن الصامت، قال ابن إسحاق: وقد زعموا أنه تاب وحسنت توبته حتى عرف منه الإسلام والخير. ونبتل بن الحارث وهو الذي قال فيه رسول الله: «من أحب أن ينظر إلى شيطان فلينظر إلى هذا» ، وكان جسيما ثائر شعر الرأس، أحمر العينين، أسفع الخدين وكان يسمع الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينقله إلى المنافقين، وهو الذي قال: إنما محمد أذن، من حدثه بشيء صدّقه، فأكذبه الله. وعبّاد بن حنيف، وكان ممن بنوا مسجد الضّرار. ومربع بن قيظي، وكان أعمى، وهو الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاز في حائطه وهو ذاهب إلى أحد:

لا أحلّ لك إن كنت نبيا أن تمر في حائطي، وأخذ في يده حفنة من تراب، ثم قال: لو أعلم أني لا أصيب بها غيرك لرميتك بها، فابتدره القوم ليقتلوه، فقال


(١) المسوح: لباس الرهبنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>