للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل هذا هو ما أشار الله إليه في قوله سبحانه:

فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً. عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً «١» .

وقد سكن بجوارهم من قديم الزمان قبيلتا الأوس والخزرج، وكان اليهود ذوي ثروة ومال وزروع، وإن لم يكونوا ذوي بأس وقوة كالأوس والخزرج، فمن ثمّ عاشوا كالأتباع لهم، مستذلين صاغرين، وكان اليهود أهل كتاب، ويعلمون صفات النبي في توراتهم، وكانوا يستفتحون على الأنصار قبل البعثة، بالنبي الذي سيبعث، وإنهم سيتبعونه ويأخذون بثأرهم منهم، فلما بعث النبي جحدوا رسالته وكفروا به عنادا وبغيا وحسدا للعرب.

وقد سجل الله سبحانه وتعالى عليهم هذا في قوله:

وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ «٢» .

وقال سبحانه:

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ «٣» .

ولما كان اليهود يزعمون كذبا وزورا أنهم شعب الله المختار، وأن النبوة لن تكون إلا فيهم، فقد عادوا الإسلام ونبيه عداء حاقدا، ولم يسلم منهم


(١) سورة الإسراء: الايتان و ٧ و ٨.
(٢) سورة البقرة: الاية ٨٩.
(٣) سورة البقرة: الاية ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>