للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقهر والإكراه، وقد اتخذوا من تشريع الجهاد في الإسلام وسيلة لهذا التجنّي الكاذب الاثم، وشتان ما بين تشريع الجهاد وما بين إكراه الناس على الإسلام، فإن تشريع الجهاد لم يكن لهذا، وإنما كان لحكم سامية، وأغراض شريفة كما علمت انفا.

وهذه الدعوى الباطلة الظالمة كثيرا ما يرددها المبشرون والمستشرقون، الذين يتأكلون من الطعن في الإسلام وفي نبيّ الإسلام، ويسرفون في الكذب والبهتان، فيتصايحون قائلين: أرأيتم؟!! هذا محمد يدعو إلى الحرب، وإلى الجهاد في سبيل الله، أي إلى إكراه الناس بالسيف على الدخول في الإسلام، وهذا على حين تنكر المسيحية القتال، وتمقت الحرب، وتدعو إلى السلام، وتنادي بالتسامح، وتربط بين الناس برابطة الإخاء في الله وفي السيد المسيح عليه السلام «١» .

وقد فطن لسخف هذا الادعاء كاتب غربي كبير هو: «توماس كارليل» صاحب كتاب الأبطال وعبادة البطولة، فإنه اتخذ نبيّنا محمدا- عليه الصلاة والسلام- مثلا لبطولة النبوّة، وقال ما معناه: (إن اتهامه- أي سيدنا محمد- بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم، إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس، أو يستجيبوا له، فإذا امن به من لا يقدرون على حرب خصومهم، فقد آمنوا به طائعين مصدّقين، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها) «٢» .

ومن الإنصاف أن نقول: إن بعض المستشرقين لم يؤمن بهذه الفرية، ويرى أن الجهاد كان لحماية الدعوة، ورد العدوان، وأنه لا إكراه في الدين، وإليك ما كتبه «أميل در منغم» في هذا قال «٣» :


(١) من حياة محمد لهيكل ص ٢٤٦.
(٢) حقائق الإسلام وأباطيل خصومه للعقاد ص ٢٢٧ ط الهلال.
(٣) حياة محمد لدر منغم ص ١٦٦ ترجمة عادل زعيتر.

<<  <  ج: ص:  >  >>