للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بين سبحانه أن هذا التحويل كان بلاء واختبارا ليتميز عند الناس المؤمنون المخلصون من الشاكين المرتابين، فقال سبحانه:

وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ «١» .

ولما كان نسخ القبلة أول نسخ وقع في الإسلام، وقارنه إرجاف اليهود والمنافقين، أكّد الله سبحانه الأمر بالتوجه إلى الكعبة في ثلاثة مواضع متقاربة، فقال سبحانه أولا:

قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها.

وقال ثانيا:

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.

وقال ثالثا:

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ «٢» .

وقد روى قصة تحويل القبلة إلى الكعبة الإمامان البخاري ومسلم وغيرهما من أئمة الحديث، وإليك رواية البخاري لأنها أتم وأكمل: عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده أو قال أخواله من


(١) سورة البقرة: الاية ١٤٣.
(٢) سورة البقرة: الايات ١٤٤، ١٤٩، ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>