للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال النبي لهم: «نحن أولى بموسى منكم» فصامه وأمر المسلمين بصيامه، روى ذلك البخاري ومسلم، فلما فرض صوم رمضان أصبح صيام عاشوراء غير واجب، فمن شاء صامه ومن شاء أفطره، روى ذلك الشيخان أيضا عن عائشة.

وقد أوجب الله صيام رمضان بقوله سبحانه:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ «١» .

وكان صيام رمضان في أول الإسلام على سبيل التخيير، فمن شاء صام وأدّى الفريضة، ومن شاء أفطر ووجب عليه الفداء: عن كل يوم إطعام مسكين، ثم لمّا مرنوا عليه وأصبح أمرا مألوفا أمرهم بصيامه على سبيل الإلزام ونسخ التخيير، وذلك بقوله سبحانه:

شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ... »

الاية.

روى ذلك الشيخان في صحيحيهما عن سلمة بن الأكوع- واللفظ لمسلم- قال: لما نزلت هذه الاية: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ، كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الاية التي بعدها فنسختها. وهي قوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، وقد أكدت الايتان الرخصة للمريض أو المسافر أن يفطر ويقضي دفعا للحرج، وتيسيرا من الله على المسلمين: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ.


(١) سورة البقرة: الايتان ١٨٣، ١٨٤.
(٢) سورة البقرة: الاية ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>