للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيّاما كان الأمر، فقد ثبتت فرضيتها بالقران والسنة والإجماع، وأجمع الصحابة على قتال مانعها. فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، قال عمر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل حتى يقولوا:

لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله» فقال: والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا أو عقالا «١» كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها.

قال عمر: فو الله ما هو إلا أن رأيت قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق.

وإنما تجب الزكاة على المسلم المكلف إذا بلغ ما يملكه نصابا من أي نوع من الأنواع التي تجب فيها الزكاة، فنصاب الذهب أن يبلغ عشرين مثقالا «٢» ونصاب الفضة أن تبلغ مائتي درهم «٣» ، وما زاد منهما فبحسابه، وذلك بشرط حولان الحول، ونصاب الغنم أربعون شاة، ونصاب البقر والجاموس ثلاثون، ونصاب الإبل خمس، فمن ملك نصابا منها وحال عليه الحول وكانت سائمة وجب إخراج زكاته.

وعروض التجارة تقوّم بأحد النقدين، والزروع تجب فيها الزكاة على تفصيل بين الفقهاء في النصاب، وما يخرج منه وما لا يخرج، وما يسقى بالسيح أو ماء المطر وما يحتاج في سقيه إلى الة وتعب، وقد فصّلت ذلك كتب الأحاديث النبوية وكتب الفقه بما لا مزيد عليه.

وقد كان الشارع حكيما في تقدير الزكاة الواجبة من كل نوع، وجعل ذلك جزا من المال لا تضنّ به النفوس الشحيحة، لأن الله يعلم حب


(١) العناق: الأنثى من ولد الماعز. والعقال: ما تعقل به الإبل، أي لا يترك شيئا من الزكاة قط ولو قلّ.
(٢) وقدر ذلك باثني عشر جنيها ذهبا تقريبا.
(٣) وقدر ذلك بستة وعشرين ريالا فضة تقريبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>