للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للرسول عريش على تل مشرف على ميدان القتال، فكان فيه ومعه صاحبه الصدّيق يحرسه.

وهذه الفكرة التي أشار بها سعد هي من أدق فنون الحرب، فالقائد ينبغي أن يكون بمنأى عن ميدان القتال، حتى يكون قادرا على التوجيه والإشارة بما يراه من أساليب القتال. وحتى لا يصاب فينفرط بإصابته عقد الجيش، فيكون ماله الفشل والهزيمة، وقضى الرسول في ذلك العريش ليلته ومعه الصّديق، وأقام سعد بن معاذ على مدخل العريش بسيفه، ونام المسلمون نوما عميقا استراحوا فيه من وعثاء السفر.

تصافّ المسلمين

وفي الصباح صف النبي جنوده للقتال صفوفا متراصة، لا خلل فيها ولا اعوجاج، حسبما أشار إليه القران في قوله سبحانه:

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ «١» .

وارتحلت قريش حين أصبحت، فلما راها رسول الله تنحدر من وراء الكثيب إلى الوادي قال: «اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحنهم «٢» الغداة» ، ووقف الجيشان وجها إلى وجه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر قال: «إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا» .

[رؤيا الرسول]

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى في منامه- ليلة اليوم الذي التقى فيه الجيشان- المشركين قليلا عددهم، كي يجرؤوا عليهم ولا يهابوهم. قال سبحانه:


(١) سورة الصف: الاية ٤.
(٢) الحين: بفتح الحاء الهلاك، أي أهلكهم وأمتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>