للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «١» .

وكذلك شاء الله أن يقلّل المشركين في أعين المسلمين، ويقلّل المسلمين في أعين المشركين كي يتجرأ الجيشان، وتقع الواقعة، فيكون النصر والعزة للمسلمين، والهزيمة والذلة للمشركين، والله سبحانه إذا أراد شيئا مما يجري بين الخلق يسّر له الأسباب، ووفّر له الدواعي. قال عز شأنه:

وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ «٢» .

وروي عن ابن مسعود قال: لقد قلّلوا في أعيننا يوم بدر، حتى إني لأقول للرجل إلى جنبي: أتراهم سبعين؟ قال: أراهم مائة!!

وكان ذلك عندما تراءى الفريقان، فلما التحم الجيشان، وأمدّ الله المسلمين بالملائكة تعينهم وتثبت قلوبهم، وتلقي الرعب في قلوب أعدائهم، وتكثّر عددهم، راهم المشركون مثليهم، وعلى هذا ينزّل قول الحق تبارك وتعالى:

قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ «٣» .

فإن المعنى على أصح القولين أن الفئة الكافرة رأت الفئة المؤمنة مثلي عدد الكافرة على الصحيح أيضا «٤» .


(١) سورة الأنفال: الايتان ٤٣، ٤٤.
(٢) سورة الأنفال: الايتان ٤٣، ٤٤.
(٣) سورة ال عمران: الاية ١٣.
(٤) انظر تفسير ابن كثير، والبغوي، ج ٤ ص ٧٣، وتفسير الالوسي، ج ٣ ص ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>