للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصدّيق والقتال

وكان الصدّيق في بدر ملازما للرسول في العريش وخارجه، وبيده السيف يذب به عنه. روي عن علي رضي الله عنه أنه خطب ذات يوم فقال: (يا أيها الناس من أشجع الناس؟ فقالوا: أنت يا أمير المؤمنين، فقال: إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه، ولكن هو أبو بكر. إنا جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا، فقلنا: من يكون مع رسول الله لئلا يهوي إليه أحد من المشركين؟ فو الله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله، لا يهوي إليه أحد من المشركين إلا أهوى إليه، فهذا أشجع الناس) . ثم قال: (ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش، فهذا يحادّه، وهذا يتلتله، ويقولون: أأنت جعلت الالهة إلها واحدا؟ فو الله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا، ويجاهد هذا، وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، ثم رفع علي بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم قال: أنشدكم الله أو مؤمن ال فرعون خير أم هو؟ فسكت القوم فقال علي: والله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مؤمن ال فرعون: ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه) «١» .

[إمداد الله المسلمين بالملائكة يوم بدر]

اتفق العلماء قاطبة على إمداد الله سبحانه للمسلمين يوم بدر بالملائكة، وذلك لقوله سبحانه: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ، فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «٢» ، وقوله: إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ... إلى قوله: أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ «٣» . وقد حصل هذا الإمداد على مرات بألف أولا، ثم بثلاثة الاف، ثم بخمسة الاف، وبذلك تكمّل الايات بعضها بعضا.


(١) البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٧١.
(٢) سورة الأنفال: الايتان ٩، ١٠.
(٣) سورة ال عمران: الايات ١٢٤- ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>