للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنهم اختلفوا، أحصل قتال من الملائكة أم لا؟ فذهب الكثيرون إلى حصول القتال فضلا عن البشرى والتثبيت بإبقاء الخواطر الحسنة في قلوب المسلمين، وذلك لقوله سبحانه:

إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ «١» .

واستدلوا أيضا بالأحاديث والاثار الواردة في هذا، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم- اسم فرس هذا الملك-، فنظر إلى المشرك أمامه فخرّ مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه، كضربة السوط، فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري، فحدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة» .

وروى ابن إسحاق عن ابن عباس قال: (لم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر، وكانوا يكونون عددا ومددا لا يضربون) «٢» ، وابن عباس وإن لم يكن حضر الموقعة يومئذ لصغره وعدم هجرته، فلابد أن يكون سمع ذلك من رسول الله فيما بعد، أو من مشيخة المهاجرين والأنصار.

وذهب بعض العلماء إلى أن الملائكة لم تقاتل يوم بدر، وإنما كانت عونا ومددا، تثبّت القلوب، وتبشّر بالنصر، وتكثّر العدد، واستدلوا بقوله سبحانه:

وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى، وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ «٣» ، وقوله: وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ، وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ «٤» . فقد ذكر الله هاتين الايتين بعد ايات


(١) سورة الأنفال: الاية ١٢.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ج ١٢ ص ٨٥.
(٣) سورة الأنفال: الاية ١٠.
(٤) سورة ال عمران: الاية ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>