للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبر، وإنا لنلمسه جليا في مقالة السادة: أبي بكر، وعمر، والمقداد، وسعد بن معاذ لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أشيروا عليّ أيها الناس» ونلمسه أيضا في مقالة عمير بن الحمام لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض» فرمى بتمرات في يده كان يأكلها قال: إني إن حييت حتى اكل هذه التمرات إنها لحياة طويلة!!

ونحس هذا الإيمان المثالي في طلب الصدّيق أن يبارز ابنه عبد الرحمن، وفي قتل الفاروق لخاله العاص بن هشام، وقتل أبي عبيدة لأبيه، ومصعب بن عمير لأخيه، وفي مقالة أبي حذيفة لما رأى أباه عتبة وقد مات على الكفر ... إلى غير ذلك من المواقف المشرّفة، والمثل الإيمانية العليا.

٢- من العبر أن النصر من عند الله، وأن لله جنودا كثيرة منها الملائكة، وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ والله سبحانه وتعالى قد أمرنا في صريح الكتاب الكريم بإعداد العدة، وأخذ الأهبة للأعداء، وقد بلغ النبي والصحابة المدى في هذا، فلم يدعوا وسيلة من وسائل القوة والنصر مما يقع تحت أيديهم وفي استطاعتهم إلا اتبعوها، فضربوا بالسيوف والحرب، ورموا بالسهام والنبال، وحفروا الخنادق، وصنعوا الدبابات بما يلائم عصرهم، وتدربوا على فنون القتال، وتعلّموا الكر والفر، ومع هذا كانوا على صلة وثيقة بالله، وتوكل عليه، وهم على صلاح واستقامة، لم يغتروا بعدد ولا عدّة، وإنما يستنزلون النصر من عند الله.

ولذلك كان النبي كثيرا ما يلجأ إلى الدعاء عند حضور المواطن، بل ويبالغ فيه كما حدث في بدر ليثبت في نفوسهم هذا المعنى الكريم، ولذلك لما عرض الله سبحانه في الكتاب الكريم لإمداد المسلمين بالملائكة ختم ذلك بقوله:

وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ «١» .


(١) سورة ال عمران: الاية ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>