للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غزوة أحد «١»

[تجهز قريش لأحد]

لما أصيبت قريش في بدر أرصدوا التجارة التي كانت تحملها العير لقتال النبي صلى الله عليه وسلم، والثأر منه ومن أصحابه، وأوقفوها بدار الندوة، وكانت تبلغ خمسين ألف دينار، فسعى رجال من رؤسائهم قبيل أحد إلى أبي سفيان بن حرب، فقالوا له: إن محمدا وترنا «٢» ، وقتل خيارنا، وإنا رضينا أن نترك ربح أموالنا فيها استعدادا لحرب محمد وأصحابه، وقد رضي بذلك كل من له فيها نصيب.

وصاروا يجمعون الجموع لقتال النبي، واستنفروا حلفاءهم من الأحابيش، والقبائل المنتشرة حول مكة من كنانة وأهل تهامة، وعبّأوا القوى لهذا الاستنفار، فقد سعى صفوان بن أمية إلى أبي عزّة الشاعر الذي كان في الأسارى يوم بدر، ومنّ عليه الرسول، وقال له: يا أبا عزّة إنك امرؤ شاعر، فأعنّا بلسانك، واخرج معنا، فقال: إن محمدا قد منّ علي فلا أريد أن أظاهر عليه، ولم يزل به يغريه، ويقول: لله علي إن رجعت أن أغنيك، وإن قتلت أن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر، حتى قبل، فخرج أبو عزة يسير في تهامة، ويدعو بني كنانة لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك اشترك في تأليب القبائل أبو عامر الذي كان يقال له: الراهب، فسماه رسول الله:

الفاسق.

وما زالت قريش تجمع الجموع حتى تكوّن جيش تعداده ثلاثة الاف منها، ومن حلفائها، وأعراب كنانة، وتهامة.

وقد اختلفوا: يخرجون بالنساء أم لا؟ وكان اخر الأمر أن ترجّح رأي القائلين بخروجهن لما صرخت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان وأصرّت على


(١) أحد: جبل بينه وبين المدينة نحو ستة أميال. وكانت الموقعة عنده.
(٢) وترنا: أصابنا في أحبتنا وأهلنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>