للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء- يعني المسلمين- وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء- يعني المشركين- ثم لقي سعد بن معاذ فقال: يا سعد إني لأجد ريح الجنة دون أحد، ثم ألقى بنفسه في أتون المعركة، وما زال يقاتل حتى استشهد. فوجد به بضع وثمانون ما بين ضربة بسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، فلم تعرفه إلا أخته ببنانه، وفي هذا وأمثاله نزل قول الله سبحانه:

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا «١» .

[الذين ثبتوا مع الرسول]

وثبت حول النبي ثلّة من المهاجرين والأنصار، وفدوه بأنفسهم، قال ابن سعد: إنهم أربعة عشر رجلا، منهم أبو بكر، وسبعة من الأنصار. وذكر الواقدي في مغازيه أنه ثبت مع الرسول يوم أحد من المهاجرين سبعة: أبو بكر، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وطلحة، والزبير، وأبو عبيدة. ومن الأنصار: أبو دجانة، والحباب بن المنذر، وعاصم بن ثابت، والحارث بن الصمة، وسهل بن حنيف، وسعد بن معاذ، وأسيد بن حضير «٢» .

وذكر البغوي في تفسيره أنه كان ممن ثبت أبو بكر وعمر؛ وفي هذا ما يرد ما ذكره الدكتور هيكل في كتابه: «حياة محمد» «٣» صلى الله عليه وسلم، من أن أبا بكر وعمر ممن انتحوا ناحية الجبل وألقوا بأيديهم، والظنّ بالصدّيق في قوة إيمانه وتفديته للرسول بنفسه في الهجرة وغيرها أن يكون ممن ثبتوا، وكذلك الظن بعمر، ولعل هيكل أخذ بما رواه ابن إسحاق في قصة أنس بن النضر من أنه وجد عمر وطلحة بن عبيد الله فيمن ألقوا بأيديهم، وهي رواية مردودة، فقد اتفقت الروايات كلها في الصحيحين وغيرهما على أن طلحة كان ممن ثبت «٤» ،


(١) سورة الأحزاب: الاية ٢٣. قضى نحبه: مات.
(٢) فتح الباري، ج ٧ ص ٢٨٨.
(٣) ص ٢٩١.
(٤) البداية والنهاية، ج ٤ ص ٢٦، ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>