للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن المسلمين على الرغم مما أصابهم من جروح وهزيمة كانوا ولم يزالوا بهم قوة ومنعة.

[ما نزل بالرسول من جراح]

فقد رماه عتبة بن أبي وقاص فكسر رباعيته اليمنى السفلى، وجرح شفته السفلى، وكان سعد بن أبي وقاص يقول: ما حرصت على قتل أحد قط ما حرصت على قتل عتبة- يعني أخاه- ولقد كفاني فيه قول الرسول: «اشتد غضب الله على من دمّى وجه رسول الله» ، وقد دعا عليه الرسول فما حال عليه الحول حتى مات كافرا، وشجّ رسول الله في جبهته عبد الله بن شهاب؛ ورماه ابن قمئة- أقمأه الله- فجرح وجنته ودخلت حلقتان من المغفر فيها، فكان أن سلّط الله عليه تيسا فقتله، ذلك أنه لما انصرف إلى مكة خرج إلى غنمه فوافاها على ذروة جبل، فشدّ عليه تيسها فنطحه نطحة أردته من شاهق الجبل، فتقطع قطعا.

وكان أبو عامر الفاسق قد حفر حفرة وغطّاها ليقع فيها المسلمون، فوقع رسول الله في حفرة منها، فأخذ علي بن أبي طالب بيده، ورفعه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قائما. وأقبل أبي بن خلف، وهو مقنّع في الحديد قائلا:

أين محمد لا نجوت إن نجا؟ فقال أصحاب النبي: يا رسول الله يعطف عليه رجل منا، فقال رسول الله: «دعوه» ، فلما دنا منه تناول الحربة من الحارث بن الصمة، قال الراوي: فلما أخذها رسول الله انتفض انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشّعراء عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله رسول الله فطعنه في عنقه طعنة تدحرج منها عن فرسه، وهو يخور خوار الثور، ومات- لعنه الله- بسرف «١» ، والمشركون راجعون إلى مكة وبحسبه قول الرسول: «اشتد غضب الله على رجل قتله رسول الله في سبيل الله» «٢» .

وعالج أبو عبيدة بن الجراح إخراج حلقتي المغفر من وجه رسول الله،


(١) سرف: ككتف موضع قريب من التنعيم.
(٢) رواه الشيخان.

<<  <  ج: ص:  >  >>