للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكره تناولهما بيده فيؤذي الرسول، فأزم على إحدى الحلقتين بفمه فاستخرجها، وقد سقطت ثنيته معها، ثم أزم على الاخرى فاستخرجها فوقعت الثنية الاخرى، فكان أبو عبيدة لذلك من أحسن الناس هتما، ومصّ مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ازدرده- ابتلعه- فقال الرسول: «من مس دمي دمه لم تصبه النار» .

علي وفاطمة يضمّدان جراح النبي

أصلح علي وزوجه السيدة فاطمة من شأن الجروح، فكان علي يسكب الماء بالمجن، وفاطمة بنت الرسول تغسل، فلما رأت أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة، أخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها بالجراح، فاستمسك الدم «١» . وكان النبي يقول وقد أصابته الجراح والدم يسيل على وجهه يوم أحد: «كيف يفلح قوم شجّوا وجه نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعو إلى الله» ، فأنزل الله سبحانه:

لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ «٢» .

فصبر النبي ورضي.

وقد كان ثبات النبي صلى الله عليه وسلم موقفا بطوليا فذا، لا يكون إلا من نبي يوحى إليه، ولولا هذا الموقف لما تجمع الأبطال حول البطل، ولكانت الهزيمة ساحقة ماحقة.

[مثل من البطولات في الدفاع عن الرسول]

وقد أبدى بعض المسلمين في ثباتهم حول الرسول ودفاعهم عنه يوم أحد بطولات فدائية، لم يعرفها التاريخ لأحد إلا لأصحاب نبينا محمد، وسواء في ذلك المهاجرون والأنصار ومن هؤلاء:

طلحة بن عبيد الله من السابقين الأولين، وكان الصدّيق أبو بكر إذا ذكر


(١) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة أحد.
(٢) سورة ال عمران: الاية ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>