للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[دفن شهداء أحد]

وأمر رسول الله أن يدفن شهداء أحد حيث ماتوا، وقد كان بعض أهالي الشهداء نقلوهم إلى المدينة المنورة ليدفنوا فيها، ولكن نادى منادي رسول الله:

أن ردّوا القتلى إلى مضاجعهم، فأعادوهم «١» .

وكان رسول الله يجمع بين الرجلين والثلاثة في القبر الواحد، بل وفي الكفن الواحد، وكان يسأل: «أيهم أكثر أخذا للقران؟» فإذا أشير إليه قدّمه في اللحد، وقال: «أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة» وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يصلّ عليهم، ولم يغسلوا «٢» وإنما أرخص لهم في الدفن في القبر الواحد لما كان بهم من الجراح والجهد الذي يشق عليهم معه أن يحفروا لكل واحد قبرا، وقد دفن حمزة مع ابن أخته عبد الله بن جحش في قبر، ودفن عمرو بن الجموح مع صاحبه وصهره عبد الله بن حرام في قبر، ومصعب بن عمير وسعد بن الربيع في قبر، وهكذا.

وهذا الذي ذكرناه من أن شهداء أحد دفنوا بثيابهم ودمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم هو الذي ثبتت به الروايات الصحيحة في الصحيحين وغيرهما، وذلك لتكون دماؤهم وجراحاتهم شاهدة لهم يوم القيامة بفضلهم ومنزلتهم.

وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده، لا يكلم- يجرح- أحد في سبيل الله- والله أعلم بمن يكلم في سبيله- إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم، اللون لون الدم، والريح ريح المسك» .


(١) البداية والنهاية، ج ٤ ص ٤٥.
(٢) صحيح البخاري- كتاب المغازي- باب من قتل من المسلمين يوم أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>