للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بقي الشهداء بمكانهم حتى كان عهد معاوية وإجرائه العين من أحد، فانفجرت العين عليهم فنقلوا من أماكنهم. وفي رواية ابن إسحاق عن جابر قال: فأخرجناهم كأنما دفنوا بالأمس، وهذا إكرام من الله للشهداء.

كما حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، روى الإمام مالك في الموطأ: «أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن حرام الأنصاريين كان قد حفر السيل قبرهما، وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد «١» ، وهما ممن استشهد يوم أحد، فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما، فوجدا لم يغيرا كأنما ماتا بالأمس. وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه، فدفن وهو كذلك، فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت. وكان بين أحد ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة» «٢» .

[من أصيب بالجراح يوم أحد]

وأصيب كثيرون بجراح ولا سيما الذين كانوا يحيطون برسول الله، منهم أبو دجانة، وأبو طلحة، وطلحة بن عبيد الله، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وعبد الرحمن بن عوف، فقد جرح عشرون جراحة أو أكثر، وكسرت ثنيته فهتم.

وأصيبت يومئذ السيدة نسيبة بنت كعب بجرح غائر في عاتقها.

[معجزة نبوية]

وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان حتى سقطت على وجنته، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فكانت أحسن عينيه وأحدّهما. وقد روى هذه القصة ابن إسحاق، والدارقطني، والبيهقي في الدلائل وذكروا أنها كانت في أحد. وروى البعض أن ذلك كان في بدر، والصحيح الأول، ولما وفد حفيده عاصم بن عمر بن قتادة على عمر بن عبد العزيز رحمه الله وهو والي المدينة قال له: من أنت؟ فقال له مرتجلا:


(١) لأنهما كانا متصاحبين ومتصاهرين في الدنيا.
(٢) الموطأ كتاب الجهاد- باب الدفن في قبر واحد للضرورة، «البداية والنهاية» ، ج ٤ ص ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>