للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهزيمة، كما تعلموا منه أن ما عند الله خير وأبقى، وأن الغنائم ما هي إلا عرض زائل لا ينبغي أن تكون غرضا لمجاهد في سبيل الله، كما كان اختبارا تميّز به المؤمنون الصادقون من ضعفاء الإيمان والمنافقين.

وقد دلّ ما حدث في أحد على أن الرسل وأتباعهم قد تنالهم الهزيمة في بعض المواقف لخطأ أو لغير ذلك، ولكن العاقبة بالنصر لابد أن تكون لهم، وهذه هي سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا. وصدق الله:

كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ «١» .

وقد سجل الله سبحانه ذلك في كتابه فقال:

إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ «٢» .

وهذا توضيح لمعاني كلمات هذه الاية:

قَرْحٌ: جراح في أحد، فقد نزل بهم مثله في بدر نُداوِلُها: يوم لك ويوم عليك، وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ ... : أي يظهر لعباده المؤمنين المخلصين من المنافقين، وليكرم من أكرم من أهل الإيمان بالشهادة، وَلِيُمَحِّصَ ... : أي يطهرهم بالبلاء الذي نزل بهم مما عسى أن يكونوا اقترفوه حتى يصيروا كالذهب نقاء وصفاء، ويهلك الكافرين والمنافقين ويكشف عن دخيلة نفوسهم.

[ما نزل من القران في أحد]

وقد أنزل الله سبحانه في أحد وما يتصل بها حوالي أربعين اية من سورة ال عمران، وقد ذكرنا بعضها أثناء الدراسة التحليلية للغزوة، وها هي بعض الايات الاخرى منزّلا لها على مواقعها، وموجزا مقاصدها ومواضع العبرة فيها.


(١) سورة المجادلة: الاية ٢١.
(٢) سورة ال عمران: الايتان ١٤٠، ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>