للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى في بيان سنة الله في الأمم، وأن النصر للرسل وأتباعهم، والهلاك للمكاذبين أعدائهم:

قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ. إلى قوله: وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «١» .

وَلا تَهِنُوا: أي لا تضعفوا عن الجهاد بسبب ما جرى لكم.

وَلا تَحْزَنُوا: على ما أصابكم من قتل وجراح. وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ: جمع الأعلى أي الأعلون شأنا، لأن قتالكم لله، وفي سبيل إعلاء كلمته، وقتالهم للشيطان، وإعلاء كلمة الكفر. وأيضا فقتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار، ثم إنكم أصبتم منهم في بدر أكثر مما أصابوا منكم. إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أن العاقبة والنصر للمؤمنين، أو إن كنتم من أهل الإيمان الصادق، ففيه تهييج وإلهاب لحماسهم، لأن الإيمان الصادق لا يهن صاحبه ولا يحزن لما أصابه، ويستهين بكل شدائد الحياة في سبيل العقيدة الحقة والغاية الشريفة، أما قوله تعالى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ ... الاية، فقد سبق شرحها انفا..

ثم بين سبحانه أن الجنة حفت بالمكاره فلا محيص لمن يطلبها من الجهاد والصبر والكفاح، والقتل والجراح.. فقال سبحانه:

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ إلى قوله: وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ «٢» .

ومعنى يعلم: يظهر، أو المراد تعلق علم الله بالشيء واقعا وحادثا.

وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ: تحضروا مواطنه.

فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ: عاينتم أسبابه، وأبصرتم موارده.


(١) سورة ال عمران: الايات ١٣٧- ١٣٩.
(٢) سورة ال عمران: الايتان ١٤٢، ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>