للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سرية الرجيع «١»

في صفر من هذه السنة قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رهط من عضل والقارة «٢» ، فقالوا: يا رسول الله إن فينا إسلاما، فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا في الدين، ويقرئوننا القران، ويعلموننا شرائع الإسلام، فبعث رسول الله معهم نفرا ستة في رواية ابن إسحاق، وقيل عشرة في رواية البخاري، وهو الأصح، ليؤدوا هذه المهمة السامية، وليكونوا عيونا على قريش والمشركين، وأمّر عليهم عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح «٣» .

فساروا حتى إذا كانوا بالرجيع غدروا بهم، واستصرخوا عليهم بني لحيان من هذيل- هم قوم سفيان بن خالد الهذلي الذي قتله عبد الله بن أنيس- فنفروا إليهم في مائتي رجل، فلم يرع المسلمين وهم في رحالهم إلا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم، فلجأ رجال السرية الى ربوة عالية، واستعصموا بها، وأخذوا أسيافهم ليقاتلوهم، فلجأ المشركون إلى الخديعة وقالوا لهم: إنا والله ما نريد قتلكم، ولكنا نريد أن نصيب بكم من أهل مكة، ولكم عهد الله وميثاقه ألانقتلكم.

فأما عاصم واخرون فقالوا: والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا، وأبوا التسليم، وقاتلوا حتى استشهدوا، واغتر بعهداهم خبيب بن عدي،


(١) الرجيع: اسم موضع من بلاد هذيل بين مكة وعسفان على ثمانية أميال من عسفان.
(٢) عضل: بفتح المهملة والمعجمة بطن من بني الهون- بفتح الهاء وقيل بضمتين- ابن خزيمة ابن مدركة بن إلياس. والقارة: بالقاف وتخفيف الراء بطن من بني الهون أيضا.
(٣) وفي رواية ابن إسحاق أن أميرهم مرثد بن أبي مرثد الغنوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>