للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السّنة الخامسة من الهجرة

غزوة دومة الجندل «١»

في ربيع الأول من سنة خمس بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بدومة الجندل جمعا كبيرا من الناس، وأنهم يظلمون من مرّ بهم، ويريدون أن يدنوا من المدينة، فندب أصحابه إلى الخروج، فخرجوا في ألف، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري، وكانوا يسيرون الليل، ويكمنون النهار، ومعهم هاد خرّيت يقال له «مذكور» ، فلما دنوا من دومة الجندل، هجموا على الماشية والرعاء، فأصابوا من أصابوا، وهرب من هرب.

فلما علم أهل دومة الجندل رعبوا وتفرقوا، فنزل رسول الله بساحتهم فلم يجد أحدا، فأقام بها أياما، وبثّ السرايا والعيون فأصاب محمد بن مسلمة رجلا منهم، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن أصحابه، فقال: هربوا أمس، فعرض عليه الإسلام فأسلم ورجع رسول الله إلى المدينة بعد أن غاب عنها شهرا «٢» ، وقد امتازت هذه الغزوة بأمرين:

١- أنها أول غزوة بعيدة عن المدينة من جهة الشام، إذ بينها وبين دمشق ما لا يزيد عن خمس ليال، وقد كانت بمثابة إعلان عن دعوة الإسلام بين سكان البوادي الشمالية وأطراف الشام الجنوبية، وأحسوا بقوة الإسلام وسطوته، كما كانت إرهابا لقيصر وجنده.


(١) دومة الجندل: بضم الدال وتفتح واحة على الحدود بين الحجاز والشام.
(٢) البداية والنهاية ج ٤ ص ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>