للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حادثة الإفك]

وهي حادثة أخرى تمخضت عنها هذه الغزوة، وهي أشد شناعة وفظاعة من الأولى؛ لأنها تناولت بيت النبوة في أحب نسائه إليه وهي الصدّيقة بنت الصدّيق. وإليك هذه القصة كما رواها الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما بالسند عن عائشة رضي الله عنها- واللفظ للبخاري- قالت:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج- يعني إلى سفر- أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما نزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل، ودنونا من المدينة قافلين اذن ليلة بالرحيل، فقمت حين اذنوا بالرحيل فمشيت، حتى جاوزت الجيش- يعني لقضاء حاجتها- فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فإذا عقد لي من جزع ظفار «١» قد انقطع فالتمست عقدي، وحبسني ابتغاؤه.

وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم، إنما يأكلن العلقة «٢» من الطعام، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا.


(١) جزع بفتح الجيم وسكون الزاي، خرز معروف في سواده بياض كالعروق. وظفار بفتح الظاء وكسر الراء الأخيرة للبناء: مدينة باليمن.
(٢) العلقة: القليل من الطعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>