للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجع إلى عمله رغبة في الخير، وطلبا للأجر، وقد أنزل الله في هؤلاء وأولئك قوله:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «١» .

[نبوات صادقة]

وفي أثناء الحفر عرضت للمسلمين صخرة بيضاء صلدة شقّ عليهم كسرها، فذهب سلمان إلى رسول الله فأخبره عنها، فجاء فأخذ المعول من سلمان، فضرب الصخرة ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتيها- يعني المدينة- حتى كأنها مصباح في ليل مظلم، فكبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبّر المسلمون، ثم ضربها الثانية فكذلك، ثم الثالثة فكذلك. فسألوا رسول الله عن ذلك، فقال: «لقد أضاء لي من الأولى قصور الحيرة، ومدائن كسرى، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، ومن الثانية القصور الحمر من أرض الروم، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، ومن الثالثة قصور صنعاء، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا» . فاستبشر المسلمون وقالوا:

موعود صادق «٢» .

وقد صدّق الله نبوءة نبيه، فكانت معجزة ظاهرة من معجزات النبي، إذ لم يمض على هذه الحادثة إلا نحو ربع قرن حتى فتحت هذه البلاد كلها


(١) سورة النور: الايتان ٦٢- ٦٣.
(٢) روى هذه القصة ابن إسحاق، وابن جرير الطبري، والطبراني. وروى أصلها الإمام البخاري في صحيحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>