للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غدر اليهود، وهكذا تضاءل عدد الجيش الواقف للدفاع قبالة الخندق بانسحاب بعض المنافقين أولا، ثم بهذا العدد الذي وجهه النبي لحراسة المدينة.

[اقتحام بعض المشركين الخندق]

وقد شجّع نقض قريظة العهد وطول المقام أمام الخندق بلا قتال بعض المشركين على اقتحام الخندق، فتيمّموا مكانا من الخندق ضيقا وأكرهوا خيلهم فاقتحموه منه، فجالت بهم في أرض سبخة بين الخندق وسلع، منهم عمرو بن عبد ودّ، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب بن مرداس، فأسرع إلى الخروج إليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في نفر من المسلمين، حتى أخذوا عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم.

[قتل عمرو بن عبد ود]

وكان عمرو بن عبد ودّ أشجع فارس في العرب، وقد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد أحدا، فلما كان يوم الخندق خرج معلما «١» ليرى مكانه، فلما اقتحم الخندق قال: من يبارز؟ فبرز إليه علي بن أبي طالب وقال له: يا عمرو إنك كنت عاهدت الله لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه؟ قال: أجل، قال: فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام، فقال:

لا حاجة لي بذلك، فقال له: فإني أدعوك إلى النزال، قال له: لم يا ابن أخي فو الله ما أحب أن أقتلك؟ فقال له علي: لكني والله أحب أن أقتلك، فحمي عمرو عند ذلك، فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه، ثم أقبل على علي، فتنازلا وتجاولا، فقتله علي رضي الله عنه، فخرجت خيل الباقين منهزمة حتى اقتحمت الخندق هاربة.

وأقبل نوفل بن عبد الله بن المغيرة على فرس له بعد ما غربت الشمس يريد أن يجتاز الخندق، فهوى هو والفرس فصرعا، وقيل بل نزل إليه علي بن أبي طالب فقتله، وقيل قتله الزبير بن العوام.


(١) جعل لنفسه علامة ليعرف بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>