للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجمهور المفسرين على أن هذه الاية وإن كانت خطابا لأزواج النبي فحكمها لجميع نساء الأمة، وإنما خصّ نساء النبي لمنزلتهن وعظم فضلهن، ومكانهن من النبي صلى الله عليه وسلم، قال الإمام الالوسي في تفسيره: (والمراد أمرهن رضي الله عنهن- بملازمة البيوت؛ وهو أمر مطلوب من سائر النساء. أخرج الترمذي والبزار عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها» ، وأخرج البزار عن أنس قال: جئن «١» النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن: يا رسول الله، ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله تعالى، فهل لنا عمل ندرك به فضل المجاهدين في سبيل الله تعالى؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «من قعدت منكن في بيتها فإنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله تعالى» ، وقد يحرم عليهن الخروج بل قد يكون كبيرة كخروجهن لزيارة القبور إذا عظمت مفسدته، وخروجهن إلى المسجد وقد استعطرن وتزين إذا تحققت الفتنة، أما إذا ظنت فهي حرام غير كبيرة، وما يجوز من الخروج كالخروج للحج وزيارة الوالدين وعيادة المرضى وتعزية الأموات من الأقارب ونحو ذلك فإنما يجوز بشروط مذكورة في محلها) «٢» .

يعني مع الاستتار وعدم إبداء الزينة وعدم مخالطة الأجانب، وعند أمن الفتنة، وقال الإمام القرطبي في تفسيره: (معنى هذه الاية الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن؟

والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة على ما تقدم في غير موضع) «٣» .

وقد فصّل الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ما يتعلق بالنساء المسلمات: من غض البصر، وحفظ الفروج، وعدم إبداء مواضع الزينة من


(١) إما على لغة «أكلوني البراغيث» أو النون علامة جمع الإناث والنساء فاعل.
(٢) تفسير الالوسي، عند تفسيره هذه الاية.
(٣) تفسير القرطبي، ج ١٤ ص ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>