للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفس الحليس بيده لتخلنّ بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرنّ بالأحابيش «١» نفرة رجل واحد، قالوا: مه، كفّ عنا حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به.

[عروة بن مسعود الثقفي]

ثم بعثوا إلى رسول الله حكما يطمئنون إليه، وهو عروة بن مسعود الثقفي، فخشي أن يناله من التعنيف وسوء المقالة ما نال من سبقه وهو من يعرفون، فقالوا له: صدقت ما أنت عندنا بمتهم، فخرج حتى أتى رسول الله، فجلس بين يديه ثم قال: يا محمد أجمعت أو شاب «٢» الناس، ثم جئت بهم إلى بيضتك- بلدك- لتفضها بهم؟ إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا، وايم الله، لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا.

فلم يتمالك الصدّيق نفسه- وقد أحفظته هذه المقالة الكاذبة- أن ردّ على عروة ردا جارحا مؤلما، فقال: من هذا يا محمد؟ قال: «هذا ابن أبي قحافة» ، فقال له: أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها، ولكن هذه بهذه.

[مثل أعلى للحب وللإيمان]

وكان عروة يتناول لحية رسول الله وهو يكلمه، والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله وهو مدجّج في السلاح، فجعل يقرع يد عروة بنعل سيفه ويقول له: اكفف يدك عن وجه رسول الله قبل ألاتصل إليك، فاغتاظ عروة


(١) الأحابيش جمع أحبوش- بفتح الهمزة والباء- وهم بنو الهون بن خزيمة بن مدركة، وبنو الحارث بن عبد مناف بن كنانة، وبنو المصطلق من خزاعة. كانوا قد تحالفوا تحت جبل يقال له الحبشي أسفل مكة، وقيل سموا بذلك لتجمعهم. والتحبش والحباشة الجماعة «فتح الباري، ج ٥ ص ٣٤٢» .
(٢) أوشاب: أخلاط.

<<  <  ج: ص:  >  >>