للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأدبا، فأخذ رسول الله الصحيفة فمحاها وكتب محمد بن عبد الله وهو لا يحسن أن يكتب «١» .

وبعد أن فرغ علي من كتابة الشروط أشهد الرسول على الكتاب رجالا من المسلمين، وهم أبو بكر، وعمر بن الخطاب، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن سهيل بن عمرو، وسعد بن أبي وقاص، ومحمود بن مسلمة. وشهد من المشركين حويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص. وكتب من شروط الصلح نسختان: نسخة للنبي ونسخة لقريش.

[وقفة عند هذا الصلح]

وإن لنا هنا لوقفة ترينا مبلغ صبر الرسول واحتماله، وتنازله عن بعض حقوقه في سبيل إتمام الصلح، ولو أن النبي استجاب لرغبات بعض المسلمين أو لهوى في نفسه لما تمّ الصلح، وهذا يدل على أنه نبي يوحى إليه، كما يدل على سمو نفسه سموا يعلو على الجاه وعن هوى النفس وعن الألقاب، وكل ذلك كان حرصا على الوفاء بما وعد به حيثما قال: «والله لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها» .

وإن ما حدث في صلح الحديبية ليعتبر مثلا يحتذى في المساهلة في الشروط طلبا للأمن والسلام، فهل يكون فيما صنعه رسول الله قدوة للقواد والزعماء والرؤساء في عالمنا المضطرب الخائف، الذي يشاهد كل يوم مؤتمرات واجتماعات في سبيل السلام والحد من التسابق المجنون في سبيل التسلح ثم تنتهي إلى لا شيء؟!!.

[أبو جندل بن سهيل بن عمرو]

وبينا علي يكتب الكتاب جاء أبو جندل بن سهيل يرسف في قيود الحديد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إليه أبوه فضرب وجهه وأخذ بتلابيبه وقال: يا محمد هذا أول من أقاضيك عليه أن ترده، فقال النبي: «إنا لم نقض الكتاب بعد» ،


(١) صحيح البخاري- كتاب المغازي- باب عمرة القضاء، وباب الحديبية، وكتاب الشروط- باب الصلح في الجهاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>