للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا وجهت الخيل نحوه انطلق هاربا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمع صياح ابن الأكوع فنادى في المدينة: «الفزع. الفزع» فترامت الخيول إلى رسول الله، فأمر عليهم سعدا وقال: «اخرج في طلب القوم حتى ألحقك» . منهم المقداد بن الأسود، وعبّاد بن بشر، وسعد بن زيد، وعكاشة بن محصن، وأبو قتادة.

وما زال سلمة يكر ويفر، حتى استنقذ منهم اللقاح، واستلب منهم أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحا، ألقوها متخففين منها، وهم يظنون أنه ما فعل ذلك إلا ومعه كمين أو وراءه مدد.

ولما أدركهم الفرسان المسلمون حمل أبو قتادة على عبد الرحمن بن عيينة فقتله، وقتل عكاشة رجلا وابنه، وقتل من المسلمين محرز بن نضلة، وأخذ المشركون في السير هربا، ولم يلبث رسول الله أن جاء في خمسمائة من أصحابه وأقام على ذي قرد يوما وليلة، فقال سلمة: يا رسول الله لو سرحتني ومائة رجل لاستنقذت بقية السرح، وأخذت بأعناق القوم، فقال العفوّ الكريم: «يا سلمة ملكت فأسجح «١» ، إنهم الان ليغبقون في غطفان» «٢» أي فاتوا ووصلوا إلى بلادهم.

وقسم النبي الغنيمة عليهم وأعطى سلمة سهمين: سهم الراجل وسهم الفارس، تقديرا له، وأردفه على ناقته العضباء، وهم عائدون إلى المدينة، وقال: «خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة» وعاد المسلمون بعد أن لقنوا غطفان درسا لن ينسوه.

[لا نذر في معصية]

وكانت امرأة الغفاري قد غافلت المشركين، وركبت ناقة من إبل النبي حتى قدمت عليها المدينة، وكانت نذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنّها،


(١) أي إذا قدرت فاعف.
(٢) ليغبقون: يشربون لبن العشي، والغبوق- بفتح الغين- ما يشرب بالمساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>