للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرواسي» . وأشار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بمناسبة نزول هذه الآية إلى عدد من الصحابة أنهم سيفعلون ذلك، ذكر منهم ابن أم عبد (عبد الله بن مسعود) .

وهذا يشير إلى معرفة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم العميقة الدقيقة الوثيقة بالصحابة الكرام، معرفة نفوسهم بكل أبعادها وأمجادها واستعداداتها. وهو موضوع مهم «١» .

وعبد الله بن رواحة الذي بلغ من طاعته أنه كان قادما إلى المسجد والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب، فسمعه يقول: «اجلسوا» فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ صلى الله عليه وسلم من خطبته. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «زاده الله حرصا على طواعية الله ورسوله» «٢» .

وهذا الاستعداد لتحمل الأمر الشاق كهذا، كان متوفرا لدى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الله تعالى عافاهم وعافانا من مثل هذه التكاليف.

وثمارها واضحة في السيرة الشريفة بكل وضوح، سلما وحربا وبذلا وإقداما والتزاما وتضحية بالنفس.

ومعلوم ما جرى للمسلمين يوم أحد، الذي كان يوم السبت للنصف من شوال السنة الثالثة للهجرة، حيث رجع الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم مساءه إلى المدينة، وقد أصيب المسلمون فيها بما لم يصابوه في أية معركة أخرى في حياة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم، بما ناله من الأذى الشديد «٣» ، وسالت الدماء ثم ما وقع من القتل في المسلمين. وفيها قتل عمّه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء رضي الله عنه. ومثّل بالعديد منهم، ولم يمثّل من المسلمين أحد.

وانظر قصة المرأة الدينارية، استشهد اعزّ الناس إليها: أبوها وأخوها


(١) التفسير، (٢/ ٦٩٨) وبعدها.
(٢) سير أعلام النبلاء، (١/ ٢٣٢) .
(٣) سيرة ابن هشام، (٣/ ٨٥- ١٠١) . (٣/ ٧٩- ٨٦) وبعدها، (١٢١) وبعدها.

<<  <   >  >>