للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دراسة متأنية. فظهرت نوعيات عجيبة ارتقى بهم المجتمع بالإسلام.

وكم من أحد لم يكن له شأن، كان به عظيما، ليس لأنه عاش قبله في مجتمع قهره فقط وألغى إنسانيته فحسب، بل هو نفسه لم يكن فيه من عوامل الارتفاع. رفعه الإسلام وأصبح من الأئمة والأعلام، إلى حد أنه جعل من الأعمى إنسانا رائدا وقائدا، له مواقف، مثل ابن أم مكتوم «١» ، وهو أعمى، كانت بيده راية المسلمين في القادسية ويقاتل أعداء الله. وهذا وأمثاله، ومن هذا النوع وغيره وفي المواقف العجيبة غير المنتظرة، امتلأت الحياة الإسلامية بالأمثلة المتزاحمة المتلاحمة. كلها وكلهم ما زالوا مضرب المثال في كل الأحوال، ونعمل على النسج على المنوال.

كان كل منهم علما حيث وضعته ملأ الحياة مواقف وشواهد وأمثلة ونماذج فريدة، فظهرت تلك القيادات، في أي موطن وضعتها برزت وأدهشت. وانظر إلى نوعياتهم وأخذهم الأزمة وما أنجزوا من فتوحات مدهشة لكل من اطلع عليها، وما زالت روعتها وقد أتت بالعجائب التي لا تتكرر إلا بهذا الدين الذي به تحقق المعجزات.

ففي نفس الوقت الذي كانت جيوش الفاتحين، من الصحابة الكرام ومن معهم من التابعين، كانوا يطرقون أبواب أكبر امبراطوريتين في العالم (المعروف) ، تحكمانه وتتحكمان بمصائره وتتصرفان في شؤونه، وهما: الامبرطورية الرومية في الغرب والامبراطورية الفارسية في الشرق، بين كسرى وقيصر.


(١) عمرو بن قيس بن أم مكتوم (٢٣ هـ ٦٤٣ م) . وقيل اسمه عبد الله. وهو ابن خال خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها. صحابي شجاع، كان ضريرا أسلم بمكة. وهو من المهاجرين الأوائل إلى المدينة. قدم إليها مع مصعب بن عمير (قبل وصول الرسول صلى الله عليه وسلّم مهاجرا إليها) . وكان يؤذن لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المدينة مع بلال. واستخلفه صلّى الله عليه وسلم على المدينة ثلاث عشرة مرة، يصلي بالناس في عامة غزواته. وكان يحمل راية المسلمين في القادسية (١٥ هـ) ويقاتل وعليه درع!!! توفي بالمدينة. وهو المذكور في سورة عبس. سير أعلام النبلاء، (١/ ٣٦٠) . الاستيعاب، (٢/ ٥٠١) . الإصابة، (٢/ ٥٢٣) ، رقم (٥٧٦٤) .

<<  <   >  >>