للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران: ٦٤] » «١» .

وكان مما قاله حاطب للمقوقس مما يشير إلى وضوح البشارة عنده برسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الإنجيل: (ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد، وما دعاؤنا إيّاك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل، وكل نبي أدرك قوما فهم من أمته، فالحق عليهم أن يطيعوه، وأنت ممن أدركت هذا النبي، ولسنا ننهاك عن دين المسيح، ولكنا نأمرك به) «٢» .

كل ذلك واضح، وأقر به، ولكن أهل الدعوة أولى بالكتابة عن هذه السيرة وكل متعلقاتها، وهذه القضية منها، وهم أمناء عرفوا بذلك. فإذا كانوا أمناء على حقوق غيرهم فهم على هذا آمن. وهو أمر متصل بالله تعالى، وهم يخافونه ويتقونه ويبحثون عن رضاه. فإنهم أهل الموضوعية الحقة، بكل مواصفاتها وجلائها وجلالتها وضيائها. رواه الصحابة، وهم أمناء شهداء عيان لجوانب السيرة كافة، وهي عملية، والأقوال صورة لها.

وإبراز الجانب العملي في السيرة وفي حياة المسلمين، إن هو إلا مواكبة لآفاق السيرة في حقائقها ووقائعها وفي عرضها والاستواء معها، في دراستها وفهم مضامينها ومكنوناتها وموقعها. فهي سيرة تحمل معنى السلوك العملي والتطبيق للتعليمات والتعين للآيات وطريقة السير في الحياة بهذا الدين، وهي بجانب كونها السيرة العملية للأقوال، فهي تشمل أكبر الخير.

ولو أخذنا السّنة فهي تشمل القول والعمل والتقرير، بل السيرة لتتسع- وإن اتسعت لها ولغيرها السنة- لكنها أحيانا لتتسع حتى لعلها تزيد جانبا أو


(١) زاد المعاد، (٣/ ٦٩١) ، مجموعة الوثائق السياسية، (١٣٥- ١٣٦) . حياة الصحابة، (١/ ١٤٠) .
(٢) زاد المعاد (٣/ ٦٩١) . أسد الغابة، (١/ ٤٣١- ٤٣٣) ، رقم (١٠١١) . السيرة النبوية، الندوي، (٢٥٢- ٢٥٤) .

<<  <   >  >>