للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخبره. وقد استنتج واستنبع الدارسون- قدماء ومحدثون- من ماجرياته الكثير من هذا الاقتران، بين الحادثة والمولد، وما زال فيها متسع.

فليس هذا الاقتران محض اتفاق، أيّ اتفاق، لكنه إشارة من الله تعالى لهذه الولادة الكريمة، وما جرى فيها من معان، كان منها التكريم لتلك الولادة، والتنويه بها، وإظهار مكانتها، والإعلاء لشأنها وما تنتظرها.

فاحتملت قصة الفيل فضيلة النصر الذي أراده الله، وتمّ بمعجزة منه سبحانه وتعالى، سنّة خارقة.

فإن الله ناصر دينه وحام حماه، وإن الدين الذي سيتّخذ- بإرادة الله سبحانه وتعالى- من الكعبة قبلة، ومن مكة حضانة، ومن مواقعها وحيا، سيتولاه ويتولاها الله بنصره، وستبقى قبلة يحميها الله من الآثمين، وينقذها من الوثنيين وأوثانهم؛ لتفئ إلى دين الله، وذلك بشارة أو إشارة إلى نبوة هذا الرسول الوليد، والوليد الرسول صلّى الله عليه وسلم.

وإنّ أهل الدّين مهما ظنوا أو تخلّوا عن دين الله، فسنن الله في نصره كثيرة، سنّة معتادة جارية أو سنّة خارقة، فكلّها سنن من خلق الله معجزة، يجريها كيف يشاء، فإذا انحرفوا أو تخلّوا عن دعوته أو دولته أو عبادته وطاعته، وأحاط الخطر بهذا الدّين، فإن الله تعالى يتولى نصره بدونهم.

وحتى لو أهمله أهله، فهو في رعاية الله سبحانه وتعالى، يتولّى حمايته، رغم إعراضهم وإهمالهم. والنّصر كلّه من عند الله الجليل سبحانه وتعالى، بهم أو بغيرهم أو بدونهم، فهو العليّ القدير سبحانه، ناصر دينه، فلله تعالى سنن وحكم.

وهذا تنبيه إلى أولئك الذين عبدوا الأصنام المتعددة. وهم قد أدركوا حوادث الفيل والطير والأبابيل وحجارة السّجّيل «١» ؛ زمانا، وشاهدوها عيانا. وكان عليهم- وهم من ورثة دين إبراهيم، عليه السلام، وادّعوا


(١) اقرأ سورة الفيل، وهي سورة مكية.

<<  <   >  >>