للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا نجد في دين الله موطنا للمبرقعين والمرقّعين والأدعياء والمدّعين.

إن الله تعالى لا يقبل من المسلم إلا الإسلام الخالص والتوجّه الكامل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً «١» [البقرة: ٢٠٨] .

والذين يعدون أنفسهم مسلمين لا بد أن تكون كلّ حياتهم على نهج هذا الدين، لا يرضون به بديلا ولا عنه تحويلا، ولا في جزء من جزئياته، وذلك شأن كلّ من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلّى الله عليه وسلّم نبيا ورسولا «٢» .

ولا يظن أحد أنه إذا ما تخلى عن دين الله- كائنا من كانت مكانته أو مقداره أو قوته- أنه يؤخّر ولادة الحياة الإسلامية، وإقامة دولة القرآن. فأن فعل أو بدا له، فقد توهّم السّراب ماء وأضلّ نفسه وخسر. إن نور الله لا يحجبه الضالون، ولا يوقفه التائهون، ولكن لله سننا ماضية، ولكل شيء عنده أجل مقدور ومعلوم، ويأتي نصره بتقدير منه سبحانه وتعالى.

ولله تعالى في كونه وخلقه ودعوته وجنده سنن. لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ [الرعد: ٣٨] وعند الله الحساب وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ [محمد: ٣٨] فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ [المؤمنون: ٤١- ٤٢] .

فلو أعرض أهل الأرض جميعا عن دين الله- وهم عند ذلك الخاسرون، في الدنيا والآخرة- فإن الله تعالى سيسخّر كلّ شيء، وسيشقّق الأرض لتخرج الأبطال، من النساء والرجال والولدان والأطفال- لو اقتضى الأمر ذلك، وأراده الله سبحانه وتعالى- يحملون الراية في كتيبة خضراء، يفتدون هذا


(١) «السلم» : يعني الإسلام.
(٢) من حديث شريف رواه: مسلم وأبو داود والترمذي والنّسائي وابن ماجه والدارمي وأحمد في المسند (٤/ ٣٣٧، ٥/ ٣٦٧) . ونص الحديث عنده: «ما من عبد مسلم يقول ثلاث مرات حين يمسي أو يصبح: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، إلا كان حقا على الله عز وجل أن يرضيه يوم القيامة» .

<<  <   >  >>