للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبين، والصدق الأصيل المتين، أصدق وأوثق وأحق كتاب على الأرض وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: ٤١- ٤٢] .

ثم كتب السنة المطهرة والسيرة الشريفة، وبعدها المؤلفات الأمهات، والأصول الموثوقات، وهي كثيرة شاملة، توفر فيها الحفظ والصدق والرواية والدراية والرعاية والدراسة، وهي خاضعة للموازين الدقيقة في التمحيص، متنا وسندا.

والتاريخ الإسلامي- ابتداء من السيرة الشريفة، التي تلاحمت مع الحديث الشريف وعموم السنة المطهرة- نشأ ونشأت في أحضان السنة وعلومها، ذات الشروط الدقيقة، والتي قامت لخدمتها عدة علوم وثيقة «١» . ولفهم هذه الحقيقة الكبرى يمكن- بسهولة- أن تراجع أمهات الكتب الموثقة في التاريخ الإسلامي.


(١) ويمكن فهم بعض جوانب هذه الحقيقة الكبرى من المقارنة بين أمهات كتب التاريخ الإسلامي لمؤرخينا الثّقات- بعد معرفة طريقتهم، وأسلوب تدوينهم، واحتمالهم عبء الرواية في جهودهم- وبين المؤلفات التاريخية لآية أمة أخرى في أي عصر من العصور وحضارة من الحضارات حتى العصر الحاضر، سواء في سرد تاريخهم، أو الكتابة عن تواريخ الأمم الآخرى، لا سيما الإسلامية. وانظر ما يفعله كثرة من المستشرقين في الدسّ والتحريف قصدا وعمدا وعملا، مع سبق إصرار وترتيب مجهد، بل من أجل ذلك اهتموا بالدراسات الإسلامية وألفوا فيها، خاصة أساتذة الجامعات وزعماء ورعاة الكنيسة فيهم، وكثرة من الأساتذة هم كنسيون. والفرق بين مؤرخينا وهؤلاء يكاد يتعانق والفرق بين سيرتهما وتدينهما وعقيدة كل منهما. وهو فرق بين أهل الحق والباطل. فالأوائل يستمدون من الإسلام، وانظر ما قالوا في تواريخ الأمم الآخرى وكيف أنصفوهم، على علم ودراسة أمينة. وبالإمكان أن يكون هذا موضوع بحث مستقل، وراجع ما قدم الآخرون من تاريخنا، رغم وضوحه وتوفر مراجعه وتساوقه مع الحقائق ومع الدلائل والفضائل. ورغم ادعائهم العلمية والموضوعية والمنهجية البحثية التي يزعمون نسبتها إليهم، فكتاباتهم أشبه بالأساطير، لا يعرفون صدقا، ولا يتحرون عدلا، ولا ينصفون حقا، بل على العكس تماما يتعمّدون الإساءة والتشويه. ولكن لا غرابة، فكل ينفق مما عنده، وما أكثر أتباعهم!. راجع: نظرات في دراسة التاريخ الإسلامي (٢٧) وبعدها.

<<  <   >  >>