للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتعليق على الأشجار والتغريق في البحار أهون عليهم، وأطيب إليهم.

وهم قادمون إن شاء الله تعالى ليقيموا الحياة الإنسانية.

فمن تكن كلمات الله حجّته ... فلن يهاب من الدنيا وما فيها

إنني ألمحهم في الآفاق من حولنا والبقاع في كل مكان، يتنادون بالإسلام، مستعدين للتضحية في سبيل الله، وقد جرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا [الأحزاب: ٢٣] .

وفي الماضي بدأ الإسلام غريبا «١» ثم انتشر، فكانت الهجرة ثم كانت الدولة والخلافة، رعت الجهاد، وحملت الراية، واستمر الإسلام في الامتداد، وما زال اليوم، بعد ذهاب الخلافة، يمتد وحده رغم كل ما يرصد له على أيدي الأعداء، وما أكثرهم.

ولكن ما تزال لهذا الدين جولات وصولات وأدوار يؤديها في تاريخ البشرية، ظاهرا بإذن الله على الدين كله وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ


(١) من حديث شريف. وتمامه: (رواه عبد الله بن مسعود وأبو هريرة وعوف بن مالك) ، قالوا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من بعدي من سنّتي» . صحيح مسلم، رقم (١٤٥/ ١) . سنن الترمذي، رقم (٢٦٢٩- ٢٦٣٠/ ٥) . جامع الأصول، رقم (٦٢- ٦٣/ ١) . مسند الإمام أحمد (٥/ ٢٩٦) . «طوبى» : من الطيب، وهو من قوله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ [الرعد: ٢٨- ٢٩] . «تطمئن» واطمأنت: سكنت واستأنست بتوحيد الله تعالى فتطمئن، وهم يذكرونه ويطيعونه قولا وعملا في كل حال. «طوبى» : على وزن كبرى، من طاب يطيب، للتفخيم والتعظيم. «وحسن ماب» : حسن منقلب ومرجع، أي: وحسن ماب إلى الله تعالى الذي أنابوا إليه، ودانوا في الحياة الدنيا. تفسير الطبري (١٣/ ١٤٥) وبعدها. تفسير القرطبي (٩/ ٣١٤) وبعدها. التفسير (٤/ ٢٠٥٩) وبعدها.

<<  <   >  >>