للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(على ذلك) » «١» . وهذا حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

فغدت نعمة الإسلام كبرى نعم الله على الإنسان- وما أكثر نعمه- لينتزع البشر من مخالب الجاهلية، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن عبودية البشر للبشر، ويعبّدهم لله رب العالمين. فله الأمر، وله الحكم، وإليه المرجع وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ [الرعد: ٣١] وليبدّل واقع الأرض، وتصوّرات الإنسان، على غير مثال، ولا مطالبة، ولا اصطراع، أو إبدال.

تشقّقت حجب الظلام، وتحطّمت الأوثان، وتحرّر الإنسان، من العبوديات والجاهليات، حين نزلت آيات الله، منذ فجر حراء المبارك. آمن بالله تعالى إيمانا، جعله حيا بعد موات، فأشرقت بصيرته بنور الله، فرأى الكون والحياة رؤية حقيقية، كما لم يرها من قبل أبدا، ولم تخطر له على بال، ولم ترد على قلب بشر بأيّ حال «٢» ، بعد أن عبّد نفسه لله رب العالمين، عبودية للخالق، جعلته في أعلى مقام الإنسانية.

[* ولادة الإنسان الجديد:]

وتوالت آيات الله، فكانت إعلانا عن ولادة الإنسان الجديد، إنسان


(١) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم. البخاري: كتاب المناقب، باب: سؤال المشركين أن يريهم النبي صلّى الله عليه وسلّم آية، رقم (٣٤٤٢/ ٣) . مسلم، رقم (١٩٢٠/ ٣) . أبو داود، رقم (٢٤٨٤/ ٣) .
(٢) من حديث شريف أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين: ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» . فاقرؤوا إن شئتم: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة: ١٧] . البخاري: كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، رقم (٣٠٧٢، ٣/ ١١٨٥) .

<<  <   >  >>