للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعترك العاصف، وتقارع كلّ عنيد بليد أو مديد، تعطي وتبذل وتجاهد وتضحي، قوية بهذا الدّين، أبية في كنف الله، أمينة على دعوته، جادّة في خدمة وتثبيت معالمه وأعلامه؛ لتصيغ وتصبغ حركة الحياة البشرية به، وتقود تيارها، وتعلي إنسانيتها- التي كرّمها الله- بمضامينه. تفي بذلك وتلتزم من أول يوم أعلنت عن نفسها، بإبلاغ التوحيد في العقيدة، وإفراد الله سبحانه بالربوبية والألوهية والحاكمية، بقيادة هذا الدين، سارت به على مدار الأجيال.

كلّ ذلك تقدّمه- هذه الدراسة- موضحة بالأمثلة والشواهد والأحداث، في كل المراحل والمناهل والمواقع والأمثال والأحوال والأهوال، تحسّه وتلمسه وتنظر أحدهم، من الصحابة الكرام- كما وصفوا- بأنه قرآن يمشي على الأرض «١» ، مقتديا برسول الله صلّى الله عليه وسلم الذي «كان خلقه القرآن» «٢» . ولقد غدا المسلم كله لهذا الدين، وأسلم زمامه له ذلولا، بحب وشوق وإقبال سبّاق.

تمر بتلك المعاني تعبّر عنها الوقائع والتصرفات للجميع، جيلا بأكمله، نساء ورجالا، وشيوخا وأطفالا وعجزة، ويسرهم البذل، ويحزنهم ألا تكون الفرصة مهيّأة، والوقت سانحا وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ [التوبة: ٩٢] . ويتقدمون في أشد الأمور صعوبة، في المعارك للموت في سبيل الله، يتنافسون فيه ويتسابقون إليه. وكم منهم حين


(١) مرت عليّ هذه العبارة خلال قراآتي، لكني لم أجد مكانها الآن، لكن هذا الفهم من المصادر الآخرى والمراجع التي تتحدث عن صفة الصحابة الكرام. وقبل كل ذلك ما وصفهم الله تعالى به في القرآن الكريم، ثم ما جاء من فضائلهم في صحيح البخاري وغيره. انظر مثلا: حياة الصحابة (١/ ١٠، ٣٧- ٤٠، ٤٥ ٤٩) .
(٢) أخرجه مسلم (٧٤٦، ١/ ٥١٣) .

<<  <   >  >>