للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاستقى المسلمون من هذه الينابيع، عقيدة وعبادة وشريعة وتعاليم صافية نقيّة، وأسّسوا أنفسهم وفكرهم وحياتهم عليها، بحيث إنّ الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم غضب يوما، وحتى تغيّر وجهه، حين رأى شيئا من التوراة بيد عمر بن الخطاب، ففهم عمر ذلك، وقال: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلّى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، فسرّي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقال: «وإنه والله لو كان موسى حيّا بين أظهركم ما حلّ له إلّا أن يتبعني» «١» (من عدة أحاديث) . وفي حديث آخر: «لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلّا اتّباعي» «٢» وفي رواية أخرى أنّ عمر بن الخطاب قال للرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم:

إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا، أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال:

«أمتهوّكون أنتم كما تهوّكت اليهود والنصارى؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيّا ما وسعه إلّا اتّباعي» «٣» .

ولقد عاش جيل الصحابة- رضي الله عنهم- على الإسلام، قرآنا وسنّة وسيرة، ومثّلوها في كلّ أعمالهم وأمورهم، وحافظوا عليها وحفظوها،


رسول الله صلّى الله عليه وسلم) . أسد الغابة (٥/ ١٩٥) . «الجشع» : الجزع لفراق الإلف. ثم التفت فأقبل بوجهه صلّى الله عليه وسلم نحو المدينة فقال: «إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا» . المسند (٥/ ٢٣٥) . انظر كذلك: سير أعلام النبلاء (١/ ٤٤٨) . السيرة النبوية، ابن كثير (٤/ ١٩١- ١٩٤) . الاستيعاب (٣/ ١٤٠٢- ١٤٠٧) (رقم ٢٤١٦) . وتجد في هذا المصادر معلومات وافية عن معاذ بن جبل الصحابي الجليل والعالم النبيل والمجاهد الكريم، أعلم الأمة بالحرام والحلال، والذي يكون (إمام العلماء يوم القيامة برتوة أو رتوتين، والذي كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ [النحل: ١٢٠] في تعليمه للخير والائتمام به وطاعته لله عزّ وجل، رضي الله عنه وأرضاه، وجمعنا به في مستقر رحمته، تحت راية الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم، آمين. الأساس في السنة (٤/ ٢٠١٥) . أسد الغابة (٥/ ١٩٦- ١٩٧) .
(١) مسند الإمام أحمد (٤/ ٢٦٥) . سنن الدارمي (١/ ١١٥) .
(٢) التفسير (١/ ٤٣٩) .
(٣) مسند الإمام أحمد (٣/ ٣٨٧) . «التّهوّك» : التحير أو التهور، والوقوع في الشيء بلا مبالاة.

<<  <   >  >>